خطف الفنان الايراني شهاب الدين حسيني لقب "سوبرستار" السينما الايرانية عن جدارة وذلك بعد أن شارك في تمثيل عدد كبير من الافلام و المسلسلات التي لمع فيها بشكل لامثيل له.
اداؤه المميز و قدرته على تقمص الادوار مهما كانت ايجابية او سلبية او غامضة جعلته الافضل من بين ابناء جيله من الممثلين البارزين ليحصل على هذا اللقب من قبل الجمهور.
ولابد أنّ اداءه اللامع في فيلم "حوض الرسم" للمخرج مازيار ميري عزز هذه المكانة التي يمتلكها لدى الجمهور اذ تقمص دور رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة بحرفية تامة دون أي مبالغة او نقصان.
قصة الفيلم تروي حياة أسرة مكونة من أب وأم من ذوي الاحتياجات الخاصة وابن سليم. الفيلم يقدم معاناة من نوع خاص حيث يعمل الأب والأم معا في مصنع أدوية وتتصل مشاهد الفيلم بسرد واقع تلك الاسرة حيث نرى الأم "مريم" التي تؤدي ورها نكار جواهريان بجدارة ، تعد الطعام بينما الولد يستذكر دروسه بصوت مرتفع وتردد الأم الكلمات محاولة اكتساب المعرفة وتتواصل معه بكراس ترسم فيه رموز من الطير والشجر حيث تعرضه على الابن كي يعطيها علامة.من هذا المشهد تتضح تلك العلاقة القائمة على تبادل المعرفة الذي يقوم فيها الابن بدور المعلم لوالدته مريم.
ومن خلال توالي المشاهد تتضح مدى اعاقة الأبوين في الحركة واستقبال العالم الخارجي حيث تعاني الأم الخوف حتى في اجتياز الشارع ولكنهما بدافع الفطرة يقومان بمهام الأب والأم المعاقين.
وفي ذروة الدراما الحسية والانسانية يظهر استياء الولد من تلك الام المعاقة والاب المعاق، يتجسد ذلك في عدة مشاهد منها عدم فهم الأم لتعاليم المدرسة والتي يشعر معها الابن بالخجل كونها أمه لا تفهم كما ان رغبة الابن في ارتياد مدينة الألعاب وركوب الأرجوحة تصيب الأم بالذعر وتمنع الابن من التمتع كأي طفل عادي.
يتفجر الصراع وبكاء الابن فيواجههما بضعفهما وعجزهما وينعتهما بالمجانين ويترك المنزل وتتضح حاجته لرعاية معلمته السليمة المعافاة التي تناقض الأم المعاقة في طريقة التربية فهي قادرة على رعايته.
الفيلم يستعرض بطريقة حسية معاناة الأم والأب بعد ان هجر طفلهما البيت، شعور مؤلم بالفقد وتلقي الأم اللوم على الأب الذي صفع الطفل وكان سببا لهروبه، ومعاناة من نوع اخر حين يفقد الأب عمله ولا يستطيع ايجاد عمل في ظل وجود الاعاقة.
الفيلم يعتمد على تعبيرات وجه الأم والأب حيث لم يشعر المشاهد ولو للحظة أنهما ممثلان كانت درجة الصدق في التعبير في المشي واللفتات وطريقة الكلام عبقريه في الاداء خاصة ما قام به شهاب حسيني من حركات تصعب على أي ممثل اتقانها بهذا الاحتراف.
ومن المشاهد المؤثرة حين ذهب الأب والأم للمدرسة للقاء الابن الذي يرفض مقابلتهما، ووقوف الأب بجانب الشباك وذلك الحوار العميق والصادق والذي يقول فيه الأب :" عندما ولدت كنت مثل الضفدع وخفت ان ترث عجزي والآن أنت رجل وتستطيع ان تفهم، ارجع فالحمامات في سطوح البيت تنتظرك وتسأل عنك".
وفي نهاية الفيلم يجد المشاهد استخدام المخرج للكاميرا التي تصعد تدريجيا من باحة المنزل الى أعلى حتى يتسع المشهد وتظهر المدينة والبيوت من أعلى فتترك شعورا بالحنق على تلك المدن الكبيرة التي لا تستطيع مساعدة تلك الفئة.
وفيلم "حوض الرسم" بطولة النجم المتألق شهاب حسيني والنجمة نكار جواهريان ترجم الى التركية والعربية والانجليزية والفرنسية وحصل على جوائز افضل فيلم طويل في مهرجان الشارقة السينمائي الدولي للطفل وجائزة العنقاء البلورية في مهرجان فجر السينمائي فضلا عن مشاركاته الناجحة بعدد كبير من المهرجانات العالمية.
هـ..ع/هـ.ع